مكانة تسيير الموارد البشرية ضمن معايير الإيزو وإدارة الجودة الشاملة

مكانة تسيير الموارد البشرية ضمن معايير الإيزو
مكانة تسيير الموارد البشرية ضمن معايير الإيزو وإدارة الجودة الشاملة


الملخص
شهد العالم مؤخرا مجموعة من التغيرات السريعة والمتتالية مسّت مختلف المجالات: السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي والتكنولوجي، والتي نذكر من أهمها: ظاهرة العولمة، الانفتاح العالمي للأسواق وتحرير التجارة الدولية، إزالة كافة العوائق والقيود أمام انتقال السلع والخدمات ورؤوس الأموال، التطور التكنولوجي السريع وتعدد المنتجات المعروضة كمّاً ونوعاً, أهم ما نتج عن هذه العوامل اشتداد حدّة المنافسة ليس فقط على المستوى المحلي بل حتى على المستوى العالمي، ممّا أدى إلى تشكيل مشكل كبير يعترض حياة المنظمات المعاصرة والمتمثل في تعقد واضطراب إمكانية البقاء والاستمرار في ظل هذه الظروف، وفي هذه الآونة برزت إدارة التغيير واكتسبت أهمية كبيرة باعتبارها الوسيلة التي توافق بين المتغيرات الداخلية للمنظمة والمتغيرات الخارجية
 وتساعد المنظمة على التكيّف ومواكبة التطورات المستمرة وكذلك الحفاظ على حصتها السوقية وتوسيعها بكسب عدد أكبر من الزبائن, وتماشياً مع كل هذه الظروف والتطورات المحيطة بالمنظمات ظهرت مفاهيم إدارية ومناهج جديدة مختلفة لإدارة التغيير كانت بمثابة الحلول أو السبل التي تمكّن المنظمات من البقاء والاستمرار، نذكر منها: الشراكة، الاندماج العمودي، استخراج بعض الأنشطة المرتفعة التكاليف وغيرها. غير أن هذه المناهج أو الأساليب رغم نجاحها في البداية إلاّ أنها بدأت تفقد فعاليتها وذلك بسبب تأثر الزبون بالتطورات المحيطة به مما أدى إلى تغيير أذواقه واحتياجاته خصوصاً بعدما أصبح بإمكانه الإطلاع على مختلف منتجات دول العالم والخصائص التي تتميّز بها سواءاً ما يتعلق بالسعر أو الجودة أو الخدمات والمنافع التي تقدمها، وذلك من خلال الوسائل والابتكارات التكنولوجية من وسائل الإعلام والاتصال وبالأخص شبكة الإنترنيت. بالتالي أصبح الزبون يفاضل بين السلع والخدمات ليس فقط على أساس السعر كما كان عليه في السابق وإنما أصبح يختار المنتجات ذات الجودة العالية، وهذا يعني أنه يستلزم الاهتمام أكثر بجانب الجودة في المنتجات ممّا دفع بالمفكرين والمنظمات بالبحث عن أساليب إدارية تهتم بالجودة وبإدارة الجودة, إن هذا لا يعني أن مفهومي الجودة وإدارة الجودة لم يظهرا إلا مؤخراً، بل قد ظهرت في مطلع هذا القرن ومع ظهور الإدارة العلمية عملية فحص ومراقبة الجودة ثم بعدها في سنوات الثلاثينات عملية الرقابة الإحصائية على الجودة إلا أن هاتين العمليتين تعتمدان على مراقبة وفحص جودة المنتوج النهائي وهذا يعني الكشف عن المنتجات التي بها عيوب أو أخطاء حتى لا تصل إلى السوق وكل هذه الوحدات تعتبر خسارة وتكاليف إضافية للمنظمة. ثم ظهرت بعد ذلك وظيفة تأكيد الجودة والتي تعمل على ضمان الجودة ومتابعتها ضمن وظيفتي الإنتاج والتخزين. كما تهتم بالزبائن باستقبال وتحليل شكاويهم والقيام بالتصحيحات اللازمة. إلا أن هذا لم يمنع المفكرين من البحث عن أساليب أخرى أكثر فعالية، تتماشى مع التطورات والتغيرات المستمرة باعتمادها على التحسين المستمر حتى تكون أكثر مرونة، وتهتم بجودة جميع عناصر المنظمة وجميع وظائفها ومراحلها الإنتاجية وتجمّعت كل هذه الخصائص في مفهوم إدارة الجودة الشاملة, وفي نفس الوقت ظهرت منظمة عالمية تهتم بتأكيد وضمان الجودة وذلك من خلال إصدارها لمجموعة من المعايير تتضمن شروط أو مبادئ خاصة بوظائف المنظمة، وإذا تم تطبيقها من طرف المنظمات تحصل على شهادة تؤكد أن منتجاتها تتميز بمواصفات عالمية للجودة, وانطلاقاً من هاتين الفكرتين البسيطتين حول إدارة الجودة الشاملة ومعايير الإيزو، نلاحظ أن كلاهما يهتم بالوظائف التي تقوم بها المنظمة والتي من بينها إدارة وتسيير الموارد البشرية. وما يهمنا من هذه الدراسة هو اكتشاف درجة اهتمام كل منهج بالعنصر البشري وبإدارته وتسييره، ولماذا العنصر البشري بالذات، لأنه أهم عنصر أو مورد من بين موارد المنظمة ولم يتم الاعتراف بأهميته وبدور إدارة الموارد البشرية إلى مؤخراً، فقد مرّت هذه الوظيفة هي أيضا بتطورات، ففي البداية كان ينظر للعناصر البشرية على أنها تكلفة يجب تدنيتها وقيد يعرقل سير المنظمة نحو تحقيق أهدافها ولكن مع مرور الزمن تم التوصل إلى أنه مورد يجب الاستثمار فيه وفرصة على المنظمة حسن استغلالها.
ومنه فإن محتوى دراستنا يتمثل في محاولة للإجابة عن الإشكالية التالية:
"ماذا تعني إدارة الجودة الشاملة وما هي معايير الإيزو، وما الفرق بينهما، ثم ما مدى اهتمام كل منهما بإدارة وتسيير الموارد البشرية والعنصر البشري في حدّ ذاته ؟".
مبدئياً نجيب عن هذه الإشكالية بالفرضيات التالية:
- يعتبر كل من إدارة الجودة الشاملة ومعايير الإيزو أسلوبين لإدارة الجودة يتسمان بمجموعة من الخصائص أو المبادئ التي تميّزهما عن باقي الأساليب الإدارية الأخرى.
- تتعامل معايير الإيزو مع وظيفة تسيير الموارد البشرية مثلها مثل باقي الوظائف.
- تركز إدارة الجودة الشاملة اهتمامها على تسيير الموارد البشرية وعلى العنصر البشري بحد ذاته لأنها تؤمن بأنه الأساس في المنظمة وباستطاعته دفع المنظمة إلى النجاح والنمو والتفوق والتميز، كما أنه بإمكانه القضاء على آمالها وأهدافها.
¯ أهداف البحث: يهدف البحث إلى ما يلي:
- الإشارة إلى الظروف المعقّدة والصعبة التي تمرّ بها المنظمات المعاصرة ودور إدارة التغيير في ظل هذه الظروف.
- توضيح كل المفاهيم المتعلقة بإدارة الجودة الشاملة وبمعايير الإيزو وإبراز الفرق بينهما للخروج بنتيجة وهي: من منهما أكثر فعالية ونجاحاً.
- إبراز دور إدارة وتسيير الموارد البشرية والعنصر البشري في المنظمة والتعرف على المستجدات في مجال تسيير الموارد البشرية.
- اكتشاف المكانة التي يحضى بها تسيير الموارد البشرية ضمن إدارة الجودة الشاملة ومعايير الإيزو ومعرفة من منهما يهتم أكثر بالعنصر البشري باعتباره أهم مورد في المنظمة.
¯ أهمية البحث:
تتمثل أهمية البحث أولا في تقديم المفاهيم حول بعض الأساليب الإدارية الحديثة والمهمة وفي إبراز أهمية العنصر البشري وما توصلت إليه الأبحاث والتطبيقات الخاصة بإدارته.
أما ثانياً فإن أهمية هذا البحث تتمثل أيضا في كونه يتطرق لموضوع مهم في الوقت الحاضر أين تواجه المنظمات صعوبات وتعقيدات شديدة، فالبحث هو عبارة عن تنبيه للحلول التي يمكن أن تسلكها المنظمات وكذلك تنبيه لزيادة الاهتمام بالعنصر البشري، وهذه التنبيهات موجّهة لبلدان العالم الثالث وخاصة الجزائر لأن البلدان المتقدمة هي من توصلت إلى هذه الأساليب الإدارية وتمّ تطبيقها وقد أثبتت نجاحاً.
وللتفصيل في موضوعنا: مكانة تسيير الموارد البشرية ضمن معايير الإيزو وإدارة الجودة الشاملة وللإجابة عن الإشكالية المطروحة وإثبات الفرضيات، تم تقسيم البحث إلى أربع فصول: ثلاث فصول نظرية والفصل الأخير تطبيقي.
الفصل الأول: خصص الفصل الأول لظاهرة التغيير باعتبارها ضرورة لاستمرار المنظمات المعاصرة التي تنشط في ظل ظروف متغيرة باستمرار، وهو فصل تمهيدي للدخول فيما بعد لإدارة الجودة الشاملة ومعايير الإيزو، فنستهلّه بتقديم تعاريف مختلفة للتغيير المنظمي لنخرج بتعريف شامل وهو أن التغيير المنظمي هو عملية تحسين وتطوير وإدخال تعديلات على كل ما يخص المنظمات من أهداف، سياسات وعناصر العمل بغرض استحداث أوضاع داخلية تحقق الانسجام والتوافق بينها وبين الأوضاع الخارجية قصد اكتساب ميزة تنافسية والتفوق على المنظمات الأخرى.
بعد ذلك تمّ تصنيف التغيير المنظمي وذلك وفقاً لثلاث معايير: حسب الأسباب، حسب أسلوب مواجهة تغيرات المحيط وحسب مدّة إحداث التغيير. ثم قدّمنا المجالات الأربعة للتغيير المنظمي وهي التغيير الاستراتيجي، التغيير الهيكلي، التغيير التكنولوجي والتغيير الإنساني. وبعد تطرّقنا للتطوير المنظمي باعتباره شكل من أشكال التغيير المنظمي؛ فهو تغيير منظمي مخطط، ثمّ أشرنا إلى العناصر التي يتعلق بها هذا الأخير.
تعرّضنا بعد ذلك إلى دوافع ومعوقات التغيير المنظمي وهي في مجملها نفس دوافع ومعوقات الأساليب الإدارية الحديثة والتي من بينها إدارة الجودة الشاملة ومعايير الإيزو.
بالنسبة لدوافع التغيير المنظمي فهي تصنّف إلى عوامل داخلية بالنسبة للمنظمة وعوامل خارجية، وأما عن المعوقات فقد أشرنا إلى مجموعة من العوامل والتي من أهمها مقاومة الأفراد وقد تطرّقنا إليها بالتفصيل كما أننا قدمنا مجموعة من الإجراءات التي تمكّن المنظمة من تفادي ظهور المقاومة عند تنفيذ التغيير.
نجد فيما بعد مفهوم إدارة التغيير وتطرقنا من خلاله للتطورات التي شهدتها بمرور الزمن ثم لمراحلها أين نجد: تخطيط التغيير، تنفيذ التغيير ومتابعة وتدعيم التغيير. تطرّقنا بعد ذلك للعوامل الأساسية لنجاح إدارة التغيير والتي من أهمها العامل الثقافي والذي يمثّل المحرك الأساسي للتغيير.
ويلي ذلك أهم برامج إدارة التغيير والتي من بينها إعادة الهندسة الإدارية، إدارة الجودة الشاملة ومعايير الإيزو.
الفصل الثاني: يضمّ الفصل الثاني مجموعة من المفاهيم حول معايير الإيزو وإدارة الجودة الشاملة، فنشرع بتقديم مفهوم معايير الإيزو، نبذة تاريخية عنها وأهميتها، ثم تطرقنا لتصنيفات معايير الإيزو أين تعرّضنا أولاً لأنواع شهادات الجودة وهي ثلاثة: شهادات عن جودة النظام، شهادات عن جودة المنتجات وشهادات عن جودة المستخدمين. ثم ذكرنا أهم معايير سلسلة الإيزو 9000 وسلسلة الإيزو 10011. تلي ذلك مراحل الحصول على شهادة الإيزو. ننتقل فيما بعد إلى إدارة الجودة الشاملة ونتعرّض أولاً لمراحل تطور إدارة الجودة وهي ستة مراحل: ما قبل الثورة الصناعية، ما بعد الثورة الصناعية، الإدارة العلمية، الرقابة الإحصائية على الجودة، تأكيد الجودة وإدارة الجودة الشاملة. تعرّضنا بعد ذلك لأهم المفكرين المساهمين في تطوير إدارة الجودة وهم: إدوارد ديمنغ، جوزيف جوران، فيليب كروسبي وآرماند فيجنبوم. ثم نقدّم مفاهيم حول الجودة، الجودة الشاملة وإدارة الجودة الشاملة. وبعد ذلك وسائل إدارة الجودة الشاملة. تطرقنا فيما بعد لمميزات إدارة الجودة الشاملة، إذ تتميز بمجموعة من المبادئ وهي: التركيز على العملاء، التحسين المستمر، مشاركة العاملين وتكوين فرق العمل، التزام الإدارة العليا، الإدارة من الخلف بواسطة الأسباب، الوقاية والتصميم ثم سلسلة الجودة الداخلية أو المرحلية. وانطلاقا من هذه المبادئ تمّ استخراج الفرق بين إدارة الجودة الشاملة والإدارة التقليدية ثم الفرق بين إدارة الجودة الشاملة ومعايير الإيزو.
الفصل الثالث: يهتم هذا الفصل بتسيير الموارد البشرية وفق معايير الإيزو وإدارة الجودة الشاملة، لكن تطرقنا أولا لمميزات الإدارة الحديثة للموارد البشرية فشرعنا بالإشارة إلى أهم التطورات التي مرّت بها إدارة الموراد البشرية منذ أن كان العنصر البشري يعتبر تكلفة إلى أن أصبح مورداً هاما في المنظمة وإلى بروز الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية. بالإضافة إلى أننا تعرّضنا إلى مفهومين حديثين في إدارة الموارد البشرية وهما: التمكين والاعتراف. تعرضنا بعد ذلك إلى مجموعة من التوجيهات الجديدة الخاصة بسياستي التعيين وتقييم الأداء، ثم أشرنا إلى مفهوم إدارة المعرفة، مهامها والأهداف التي يمكن بلوغها من خلالهما.
انتقلنا فيما بعد إلى المكانة التي يحضى بها تسيير الموارد البشرية ضمن معايير الإيزو، ابتداءا بمعايير تأكيد الجودة ثم معايير مراجعة الجودة وبعد ذلك معايير الإيزو لتأكيد جودة المستخدمين.
ثم تعرّضنا لتسيير الموارد البشرية وفق إدارة الجودة الشاملة أين نكتشف أن جودة العنصر البشري هي الركيزة الأساسية لإدارة الجودة الشاملة، ثم أوضحنا كيف يتم التدريب وفق هذا المنهج الإداري وكذلك عملية تقييم الأداء.
الفصل الرابع: يختص هذا الفصل بالدراسة التطبيقية، فقد تمّ من خلاله إسقاط الدراسة النظرية على حالة أي منظمة. وقد تمّت الدراسة التطبيقية في الشركة الجزائرية للأثاث المعدني للتنظيم، كما قسّم هذا الفصل إلى ثلاث مباحث مثما هو الحال في الفصول النظرية. خصص المبحث الأول منها لتقديم الشركة بالتطرّق للمحة تاريخية عنها والتعريف بنشاطها، منتجاتها وهيكلها التنظيمي. أما المبحث الثاني فيتمحور حول نظام إدارة الجودة في الشركة، فقد شرعنا بالتعريف بهذا النظام ثم تقديم المراحل المتّبعة لتحقيقه وتجسيده، كما قدّمنا أيضا برامج النشاط المتبعة في الشركة وتعرّضنا بالتفصيل لبرنامج نشاط مصلحة إدارة الجودة. وفي المبحث الثالث تطرقنا لوظيفة تسيير الموارد البشرية في الشركة، فشرعنا بتقديم وظائفها ومهامها قبل تنفيذ نظام إدارة الجودة ثم قدّمنا نشاطاتها وفق هذا النظام، وفي الأخير قدمنا إجراءات التعيين والتدريب وفق نظام إدارة الجودة ISO 9001-9002.
خلاصة كل ما تقدّم وهي في نفس الوقت خلاصة دراستنا هي أن إدارة التغيير بمختلف برامجها تحتل مكانة هامة في المنظمة خصوصا في ظل الظروف الديناميكية المحيطة بها، ونفس الشيء بالنسبة لوظيفة تسيير الموارد البشرية والتي تعتبر أهم وظائف المنظمة كونها المسؤولة عن تسيير أهم مورد في المنظمة وهو العنصر البشري، هذا المورد الذي باستطاعته أن يرقى بالمنظمة إلى أعلى المستويات وذلك من خلال مساهمته بإبداعاته وأفكاره وأيضا بالتزامه ومواظبته على العمل، كما يمكنه بالمقابل إعانة مخططات ومشاريع المنظمة، وذلك حسب المعاملة التي يتلقاها من جانب المسؤولين.
كما أن المكانة التي تحضى بها وظيفة تسيير الموارد البشرية تختلف من منظمة لأخرى ومن منهج إداري إلى آخر.
وبالنسبة للفرضيات التي تم اقتراحها في بداية هذا البحث فقد تمّ إثباتها من خلال دراستنا لموضوعنا: "مكانة تسيير الموارد البشرية ضمن معايير الإيزو وإدارة الجودة الشاملة".
بداية بالفرضية الأولى والتي تتمحور حول ماهية إدارة الجودة الشاملة ومعايير الإيزو، فمن خلال الدراسة النظرية تم التوصل إلى أن كلاهما عبارة عن منهج أو أسلوب لإدارة وتحسين الجودة. وتعرف إدارة الجودة الشاملة على أنها منهج شامل للتغيير، يعتمد على التحسين والتطوير المستمر وإشراك الأفراد في اتخاذ القرارات بالإضافة إلى العمل الجماعي في فريق لخلق روح التعاون بين العاملين. أما معايير الإيزو فهي عبارة عن معايير أو مواصفات تصدرها المنظمة العالمية للمعايير "ISO" وتتمثل في مجموعة من الشروط يجب تطبيقها من طرف المنظمات حتى تحصل على شهادة الإيزو والتي تثبت أن منتجات هذه المنظمات تتميز بمستوى الجودة العالمية.
الفرضية الثانية تتعلق بمكانة وظيفة تسيير الموارد البشرية ضمن معايير الإيزو ومن خلال بحثنا استنتجنا أن هذه المعايير في البداية لمن تكن تهتم سوى بعملية التدريب ثمّ بعد التحسينات التي طرأت عليها والتي نلمسها في المعايير الصادرة مؤخراً أصبحت تشترط مشاركة العاملين في اتخاذ القرارات ولكن رغم ذلك فإن وظيفة تسيير الموارد البشرية والمورد البشري في حدّ ذاته يستحقان اهتماماً ومكانة أكبر من جانب المنظمة والأسلوب الإداري الذي تتبعه.
الفرضية الثالثة الخاصة بمكانة وظيفة تسيير الموارد البشرية ضمن إدارة الجودة الشاملة، في بحثنا هذا تمّ إثبات أن إدارة الجودة الشاملة تولي اهتماماً كبيراً لهذه الوظيفة وللمورد البشري، حيث تعتبره أساس النجاح، ويظهر ذلك من خلال اهتمامها بجميع مهام وظيفة تسيير الموارد البشرية ابتداءاً من عملية الاختيار والتعيين، التحفيز، التدريب وتقييم الأداء، كما تؤكد على إشراك جميع العاملين في عملية اتخاذ القرارات لتحسيسهم بدورهم وبأنهم جزء مهم في المنظمة وكذلك للاستفادة من معارفهم وأفكارهم، كما يظهر اهتمامها أيضا من خلال خلق جو التعاون باعتماد العمل الجماعي في فريق.
¯ النتائج: من خلال بحثنا هذا توصلنا إلى ما يلي:
- يكمن سرّ نجاح معايير الإيزو وانتشار تطبيقها في المنظمات في الثقة التي تضعها في نفوس الزبائن، كونها تضمن توفر شروط الجودة العالمية في السلع والخدمات إلا أنه في الحقيقة ذلك لا يعني أن هذه المنتجات تلبي رغبة الزبون واحتياجاته، لأن رغبات وأذواق الزبائن تختلف من زبون لآخر، بينما المعايير هي نفسها المطبقة في جميع المنظمات. لكن إدارة الجودة الشاملة تقوم بإشباع رغبات واحتياجات الزبائن من خلال اتصالها المباشر بهم واعتبارهم عملاء وشركاء يساهمون في تحديد مواصفات السلع والخدمات التي يرغبون في الحصول عليها.
- باعتبار أن وظيفة تسيير الموارد البشرية هي أهم وظائف المنظمة لأنها تهتم بتسيير أهم مورد بها إلا أن ليس جميع المنظمات والأساليب الإدارية توليها المكانة التي تستحقها ومثال ذلك نجد أن مكانة تسيير الموارد البشرية ضمن إدارة الجودة الشاملة أكبر من تلك التي تحضى بها ضمن معايير الإيزو.
¯ التوصيات:
- الاهتمام أكثر بوظيفة تسيير الموارد البشرية خصوصاً من جانب منظمات العالم الثالث وعدم التراجع أو التخوف من أي استثمار في سبيل تنمية الأفراد إذ أنه يعود بالفائدة على المنظمة وعلى الفرد أيضا.
- تطبيق المفاهيم الحديثة في مجال تسيير الموارد البشرية والتي من بينها الاعتراف والتمكين، ودائما التوصية موجهة لمنظمات العالم الثالث لأن هذه المفاهيم تمّ تطبيقها في منظمات الدول المتقدمة وأثبتت نجاحاً بحيث أنها تحفّز الأفراد وتشجعهم على العمل وبذل مجهودات فكرية وعضلية أكثر.
- اعتماد منهج إدارة الجودة الشاملة أحسن من الحصول على شهادة الإيزو، لأن إدارة الجودة الشاملة تقوم على مجموعة من مبادئ ذات طابع عام ولكن تطبيقها يختلف من منظمة لأخرى وبالتالي لكل منها نموذج خاص بها، كما أنها تقوم على التغيير والتطوير باستمرار وهذا ما يكسبها مرونة تجعلها تتماشى مع التغيرات المستمرة في المحيط. ولكن معايير الإيزو عبارة عن شروط أو قيود تطبق مثلما جاءت ولا تغيير فيها إلا إذا أرادت المنظمة الحصول على شهادة أخرى مثلا تكون أحدث من التي سبقتها ولكن هذا مكلّف جداًّ.
حمل الملف من خلال الرابط التالي
http://goo.gl/fhYs88
شكرا لك ولمرورك