إسرائيل ومستقبل التسوية السلمية في فلسطين |
يحمل مصطلح التسوية السلمية معنى محاولة فض النـزاع بين طرفين أو أكثر حول القضية مثار الخلاف بالطرق السلمية، وعادة ما تتم بقبول الأطراف لحل يوقعون عليه، ويلتزمون بتنفيذه، بناء على اتفاقية محددة. وليس شرطا أن تكون التسوية السلمية "عادلة" أو حلا "وسطا"، إذ إنها تعكس في كثير من الأحيان موازين القوى، وحالات الانتصار والهزيمة، والضغوط الداخلية والخارجية.
كما أن التسوية السلمية ليست بالضرورة حلا دائماً، إذ قد تلجأ إليها القوى المتصارعة لأخذ فسحة من الوقت بانتظار تغير الظروف إلى الأفضل، من أجل فرض تسويات جديدة تعكس تَغيُّر موازين القوى. ولكن هذا المصطلح قد يكون مُضللاً عندما يتعلق بالشأن الفلسطيني، إذ إن معظم مشاريع التسوية السلمية تكون عادة بين دول مختلفة متحاربة، أو بين أطراف داخلية متنازعة من أبناء الوطن الواحد. أما المعاهدات التي تنتزعها قوى منتصرة نتيجة احتلالها لأرض شعب آخر وتشريد أهله واستغلال خيراته، فهي معاهدات بين غاصب محتل وبين شعب مقهور، وهي تعكس حالة استسلام من الطرف الضعيف إلى الطرف الأقوى. وهي بالتالي ليست صراعاً حدودياً أو إسقاطاً لنظام حكم، وإنما هي حالة استعمارية تكون أي تسوية فيها مهما كانت. تسوية ظالمة لأهل الأرض المحتلة، لأنها بالضرورة ستنتقص ولو جزءاً من أرضهم، أو حريتهم في تقرير مصيرهم، أو سيادتهم التامة على دولتهم. ولذلك، فإن من عادة الحركات الوطنية في الدول البلدان المستعمرة الكفاح من أجل حريتها واستقلالها، وإذا ما حدثت مفاوضات واتفاقات فإنها لا تعطي للقوى الغاصبة حقا في الأرض نفسها، وإنما قد توافق مرحلياً - بانتظار تحسن الظروف - على بعض الأمور التي قد تنتقص من حريتها وسيادتها كوجود قواعد عسكرية أو شروط اقتصادية مجحفة أو تحكم المستعمر بالشئون الخارجية.ولكون القضية الفلسطينية قضية عربية وإسلامية مركزية فحلها بمختلف الطرق ومنها الطريقة السلمية يساهم في زرع بذور الانتهاء من العداء والصراع الإسرائيلي العربي، ولكونها قضية متعددة الأطراف ومتشابكة، فهي ومنذ بداية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والاعتماد على الحل العسكري في الحل ومن ثم التركيز على الحل السلمي، لم تحل حتى هذه اللحظة على الرغم من تغيير الظروف السياسية في الكثير من الدول ذات العلاقة. وهذا ناتج عن تعقدات القضية الفلسطينية وارتباطها بالعديد من القضايا الدولية، إلى جانب كون الطرف الأقوى وهو إسرائيل لا يلقي بالاً لكافة الضغوطات الممارسة سواء أمريكياً أو أوروبياً أو دولياً، وفي النهاية لابد أن نصل إلى قناعة حكومات وشعوب إلى إمكانية حل هذه القضية سلمياً أم لا بناء على المعطيات. وهذه الدراسة نتعرف من خلالها على مستقبل التسوية السلمية في فلسطين بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي.
حمل
https://goo.gl/Sbep2X
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء