مفاهيم حقوق الإنسان لدى الإمام علي بن أبي طالب ومدى تطبيقها على الحالة الفلسطينية

مفاهيم حقوق الإنسان لدى الإمام علي بن أبي طالب ومدى تطبيقها على الحالة الفلسطينية
مفاهيم حقوق الإنسان لدى الإمام علي بن أبي طالب ومدى تطبيقها على الحالة الفلسطينية
إن من أشهر الوثائق السياسية في عالم اليوم هو ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ) الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 كانون أول 1948م، لقد جاء هذا الإعلان وثيقة دولية ذات إشعاع على الدساتير والقوانين الوطنية التي تصدر في غالب الدول، وبعد صدوره عملت الأمم المتحدة على إنجاز مهمة أكثر صعوبة، وهي تحويل مبادئ هذا الإعلان إلى مواد تتضمنها معاهدة دولية.

 تقرر التزام الدول المصدقة على هذه المعاهدة بتطبيق هذه المبادئ، أي تحويل المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان إلى أحكام قانونية ملزمة وأعدت الهيئة العالمية مشروع اتفاقيتين الأول تتناول الحقوق المدنية والسياسية والثانية تعالج الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وفي 16 كانون أول سنة 1966م صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على هذين المشروعين ولكن كان تنفيذ كل منهما يتطلب موافقة (35) دولة على الأقل، ولم يتوفر هذا العدد إلا بعد عشر سنوات في 3 كانون الثاني سنة 1976م بالنسبة للاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي 23 آذار سنة 1976م بالنسبة للاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية وتتضمن اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية: حق كل كائن بشري في الحياة والحرية والأمن والحياة الخاصة، وحقه في المحاكمة العادلة، وحمايته من العبودية ومن الاعتقال، وحقه في حرية الفكر والديانة وممارسة الرأي والتعبير عنه، وحقه في التجمع والتنقل، كما تتضمن الاتفاقية الاقتصادية والاجتماعية كفالة ظروف المعيشة الأفضل، وحق الشخص في العمل والأجر العادل، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية، وتشكيل الجمعيات والانضمام إليها،،، إلى آخر ذلك من المبادئ التي من أهمها ما يتعلق مباشرة بموضوع الأقليات وهو مبدأ المساواة بين البشر، فموضوع الأقليات في العصر الحديث يجد إطاراً مرجعياً له في مبدأ المساواة بالصيغة التي أشارت إليها حقوق الإنسان، واعتبرت لدى كثيرين مرجعاً عالمياً معاصراً لهذا المبدأ إلا أنه يسهل القول بأن الإنسان سبق هذه الوثائق في تقرير جملة المبادئ التي تضمنتها حماية لحق الإنسان في العيش الحر الكريم وعلى رأس تلك المبادئ وأخصها مبدأ المساواة بين البشر، فالقرآن الكريم يشير إلى وحدة المنشأ للناس كافة عندما يخاطبهم " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى " ( الحجرات: 13 ) وأحاديث الرسول –صلى الله عليه وسلم – " كلكم لآدم وآدم من تراب "، و " الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأحمر على أبيض إلا بالتقوى, تقرر أصل المساواة بين البشر جميعاً وأن التفاضل يأتي بعد ذلك نتيجة الفعل الإ رادي البشري الذي هو التقوى، جماع خاصيتي العمل والإيمان, وإذا أردنا أن نفصل في هذا المجال على ضوء نهج البلاغة للإمام علي رضي الله عنه، نجد الأثر الكبير الذي خلفه القرآن الكريم وسنة نبيه العظيم، في تشكيل شخصية الإمام المسلم والحاكم المؤمن، وفي توجيه علاقته بالإنسان، فخليفة المسلمين حريص على حفظ دين الفرد مع تقديم كافة الضمانات التي تصونه وتجعل منه إنساناً حراً في عقيدته وعبادته وتفكيره ( عباد الله، الله الله، في أعز الأنفس عليكم، وأحبها إليكم، فإن الله قد أوضح لكم سبيل الحق وأنار طرقه، فشقوة لازمة أو سعادة دائمة، فتزودوا في أيام الغناء لأيام البقاء، فقد دللتم على الزاد وأمرتم بالظعن، وحثثتم على المسيرة، فإنما أنتم كركب وقوف لا يدرون متى يؤمرون بالمسير ألا فما يصنع بالدنيا من خلق للآخرة وما يصنع بالمال من عما قليل يسلبه، وتبقى عليه تبعته وحسابه ), فالحديث عن سياسة الإمام علي – رضي الله عنه – وعن مواقفه الخالدة في مجال حقوق الإنسان لابد أن يندرج ضمن الرؤية الشمولية لحقوق الإنسان في الإسلام، فقد كانت مواقفه معبرة أصدق تعبير عن هذه الرؤية مستميتاً في الدفاع عنها قولاً وعملاً إلى آخر لحظة في حياته .
        حمل البحث
        http://goo.gl/gssT3I